السبت، 31 مارس 2012

حوار مع الشاعر الفلسطيني صلاح محاميد

العالمي للشعر

حجم الخط: Decrease font Enlarge font
imageالشاعر والمفكر الفلسطيني صلاح محاميد

حاوره نجيم عبد الآله
نظمت المؤسستان الكبيرتان: الأكاديمية العالمية للشعر، وجمعية شعراء فينيتسيا في إيطاليا بحضور عربي ملحوظ أمسيات شعرية غنية بمشاركيها ، وزاخرة بما قدم فيها من مختارات فطاحل الشعراء العرب والأجانب ، وبطبيعة الحال كان الدكتور صلاح محاميد حاضرا كعادته كل سنة ، ليحتفل بعيده مع زملائه الشعراءالعالمين .
الجريدة إتصلت ب د . صلاح محاميد ليسلط الأضواء على هذه الأمسيات التي أدفأت أجواء فيرونا وفينيسيا.
كان السؤال والجواب :
الجريدة :
كيف مرت أمسية فيرونا وماهي الأجواء الثقافية التي طبعتها لديك؟
- صلاح محاميد :
من تنظيم الأكاديمية العالمية للشعر بفيرونا ، وبإدارة الشاعر التونسي محمد عزيزة ، وبرعاية كريمة لمؤسسة عبد العزيزسعود البابطين ، نظمت هده الأمسية . تميزت بخطاب الإفتتاح للشاعر والأديب العربي عبد العزيز البابطين .أعتبر هذا الخطاب تاريخيا لأنه تجاوز كل المقايس والحدود وأرجع الأساس الأصيل للرسالة العربية والإسلامية في تواصلها مع الغرب. قفز بل وتجاوز مرحلة تاريخية عصيبة , امتدت قرونا طويلة وميزت العلاقة السلبية بين العرب والغرب .
إفتتح د. عبد العزيز البابطين خطابه وخثمه بآيات من الذكر الحكيم ، وفي حشوة الخطاب أظهر معالم شخصية الإنسان العربي ، والذي تعامل مع البشرية منذ فجر التاريخ بالكلمة الحسنة الطيبة ، لا بل أكد وجعل من الشعر نبراسا وجسرا أساسيا للتفاهم بين البشر و لم يحرق سفنه خلف جنوده ، ولم يشر الى خليقة الله , أمامهم ,بأنهم أعداء لنا .
الجريدة : ماهي أهم القصائد التي ميزت الأمسية ؟
د- صلاح محاميد
لقد دعي الى الأمسية سبع شعراء من زوايا الصقيعة : من اليابان وإمريكا ، وفلسطين والبرازيل ومن السينغال بإفريقيا ومن إيطاليا بطبيعة الحال ، وكانت جل مواضيع القصائد عن الأمن والسلام الذي يفتقده الان العالم .القيت كل القصائد بلغة أمها على طريقة النهج الياباني
والتي عرفها د.عزيزة بطوق الحمام .وكان لها نجاحا باهرا.al renga
إفتتحت الأمسية من طرف - عبد العزيز البابطين بقصيدة "مناجاة الروح" وكان موضوعها الروح والحب والوئام والأمن والسلام .

الجريدة : واين قصيدة وإبداع الدكتور صلاح من كل هذا؟
د صلاح : قصيدتي بعنوان :"غناء الفقراء"
قاطعته ، وهل الفقراء الذين طحنتهم ويلات الفتن وفراغ البطن يغنون ، أين نحن من ال "ربيع العرب " يا دكتور ؟ فأجاب :
إنما الغناء إستمرار في تدريب يومي للتواصل مع الطبيعة ، ومعايشة الأحاسيس الحقيقية وإنسجامها الذهني ، هي قدر وملهاة ألإنسان الفقير والمتواضع لله . هل تعتقد بخلاف ذلك أن الأغنياء ماديا َ فقط هم من يغنون ؟ دعني أقول أن الكثير منهم يبكون ويتألمون ، والحضارة الأوروبية التي يعتبرها البعض قاعدة ومثالا ونموذجا تفتقد الكثير وتخشى إنقراضها ، أما المقاييس الطيبة والروحية فإنها لن تزول أبدا ، فما ينفع الناس يبقى صامدا في الروح والأرض ، أما الهرطقات ستذهب سدى .
والربيع العربي هو للعالم, وتكريس لمهنتنا الأولية الأزلية ! أفلا ترى أن تضمُر وإمتعاض وإستشهاد بوعزيزي أستنهض أمة كاملة ! اليس في هذا إشارات لروح عربية راقية !
وليس صدفة بل بإستحقاق مشهود كان لتونس دورا رياديا في المهرجان فكلمة رئيس الأكاديمية الشاعر محمد عزيزة كانت حافلة وعكست تفانيه وجهده في الحفاظ على صرح الشعر العالمي . كذلك المداخلة الرسمية لسعادة القنصل التونسي فوزي اوريتاني في ميلانو والقادم خصيصا للمشاركة أضفى على المهرجان صبغة الرسمية وهالة العولمة لا بل رسَخ إرتباط وإنسجام الشعر في الحياة السياسية والعملية اليومية للذهن العربي . الأمرالذي عبر عنه الفنان التونسي محمد دياب بأدائه الصوتي وعرض لوحاته .

الجريدة- من المفارقات العجيبة أن روح القصائد العربية المشاركة تنضوي عن روح وأفاق وأبعاد مشتركة رغم بعد الزمان والمكان والصيغة بين الشاعر الكويتي البابطين ومحاميد :
يشرك الشاعر البابطين في اول الابيات معه الناس ويدعوهم
عبر الروح ومناجاتها و تذوب شاعرية والهام البابطين لينادي بحس شاعري كل حزين ومضيوم ويقول :
ياروح دمعة كل عان باكي
روحي أيا روحي ملئت محبة
للاخرين فيمموا مغناك
حيت ييمم الناس ( الأخرين ) جميعا الى أستضاءت الروح
كما يدعوا الشاعر صلاح محاميد كدلك إنسان القرن العشرين ويقول :
عندما تصبحُ كآبة أطفالي
أحلامَ السادة الموبوئين سادية
تصبح اغنياتي
يا إنسان القرن العشرين
ملجأً مزدانا حبا اليك
كما يتأسف الشاعر البابطين للمقاطعين للمحبة والسلم والحوار الإنساني ويقول:
ما ضر شدو الطير من في أذنه
صمم ومن أمسى بلا إدراك
كوني ايا روحي المعين لمن شكى
في عالم ما حس صوت الشاكي
كوني كطير الروض يفرح شدوه
من حوصرة دنياه بالأشواك
أومنهل يروي العطاش نميره
أو وردة عبقة بعطر زاكي
ونفس المنحى يسلكه د. صلاح بشىء من القسوة ويقول :
فاضربْ بجبروتك
يا مالك أحلى اغنية
يرتشفها
من كانت آلامه
لها الحانا
فاضربْ
فاني آتٍ
من جراحِ الفقراء
آتٍ
كما يجسد الشاعر البابطين الحب والصدق والتسامح ، بل يجسد كل معاني النبل الملائكي حين يهدي المحبة والربيع ، بل يقدم أروع الامتلة في التسامح حتى أمام الاعداء ، حين يدعوا الى تجسيد الوجه الضاحك المتهلهل ويقول :
ضمي بأجنحة السعادة والهدى
زمر الشكاة وكل من ناداك
إهدي المحبة للجميع وكفكفي
كوني الربيع السمح يضحك وجهه
متهللا حتى لمن عاداك
وأمضي على الحب الدي أحيا به
لا يردعنك عنه من جافاك
ويستعمل الشاعر صلاح محاميد الماء وهو منبع الحياة والحلم وهو آمل الفقراء في الحياة ، كما يستعمل الحدائق والزهور ، ولدى نلاحظ تشابه مكونات القصيدتان وتشابه إستعمال الرمز ويقول الشاعر صلاح محاميد
ويا اصدقائي
من اجل ان لا يبقى
الماءُ ماءاً
عليكم ان تعرفوا النار
من اجل ان لا يبقى
الحلمُ حلماً
عليكم ان تلتهموا الحياة
ساعات يقظتكم
من اجل ان تصبح
القيودُ سياجاً
لحديقة اطفالكم
عليكم معرفة
كل اسماء الزهور
كل انواع القنابل
عليكم مقارعة انفسكم
الحياة
و يستعمل الشاعر البابطين اجمل مخلوقات الله لاعطاء اجمل الامتلة في الصبر والتروي ، حين يجسد الورد والطير والعطر كأدوات ملموسة في الحياة ، تقدم أمتلة للإنسان لكي يتعلم الحب والسلام والاستقامة ويقول الشاعر سعود البابطين :
ما ضر شدود الطير من في أذنه
صمم ومن أمسى بلا إدراك
كلا ولا عاب الورود وعطرها
نقص بحس مراوغ أفاك
ويدعو الجميع في اخر القصيدة للإعتصام بالحب ، أه ما أجمل الإعتصام بالحب ، بل يشدد الشاعر ان نعتصم به دوما ، وإلا ستغدودنيانا هلاك ، نعم فالحب ينبد الحرب والعنف والقتل والكراهية ، وينبد كل شىء قبيح في الحياة ، كما يحذر الشاعر في نفس الوقت بالهلاك لمن زاغ عن اسمى معاني الحب ، وفي النهاية فالدرب هو مغنى الحياة ويقول :
قولي لمن جافا وأفسد وده
ولكل من خلاك أو والاك
هيا إعتصم بالحب بالحب دوما ، أو غدت
دنياك يا إنسان دار هلاك
كوني ايا روحي زهور مودة
للاخرين ، فدربهم مغناك
وفي الحقيقة اتى هذا التشابه صدفة ، وكأن الارواح سبق أن التقت ، ولما لا ، فجدور الشاعر صلاح محاميد من الجزيرة العربية وبالضبط من قبيلة بني حرب ، ونفس جدور الشاعر سعود البابطين التي تنحدر من الجزيرة العربية ، وصحراءها الفيحاء .
وليس غريبا فقراءة كتاب "الاسلام والغرب" وأسطورة "الطفل الذي جلب السلام" للشاعر القلسطيني تشير الى تربية تعود الى ديوان لعائلة عريقة فلسطينية ,
الجريدة- الا تحدثنا عن طفولتك ومنبعك!
على فرقعة الجمر وبصيصه ودفئه في الكانون المتوسط ديوان سيدي سليمان , ومستتشقاً عبيق القهوة السادة المهيلة كنت اصغي لحديث الضيوف القادمين من كل مكان . ورث سيدي سليمان "المخترة" عن أبيه حسين بن كساب محاميد وهو الأخ الأكبر لجدي عن أبي " الحاج خليل" والذي أنكب على التدين فبنى مسجدا وأمً في المصلين وحوله الى مدرسة يعلم فيها مجانيا وذلك في اللجون المطلة على سهول مرج بن عامر وكان ملكية أهلي وشركاء . أحتله الإسرائليون . فبقي الديوان وحكماء. هناك ربيت واستنشقت عبيرا عربيا خالصا حافظ عليه سيدي سليمان رغم البطش واحسست بمذاقه حديثا عند زيارتي للأندلس .
لُقبت بالشيخ صغيرا ذلك لإنتقائي ومداولتي الديوان وتطبيقي المبكر للفرائض , ولحق التنكل والإجحاف بالعائلة لدورها في الحفاظ على التراث وجمالية الذهن العربي وسرعان ما أنتقيت للتعرف والتعريف . كبرت وما وزالت أحاديث الديوان تراودني وعاكف على تأسيس "واحة أندلسية" في الغرب لإسترجاع كنه العرب .

الجريدة : تم تكريم بعض الشعراء في أمسية فيرونا ما هي الدلالات ؟
د- صلاح محاميد : نعم ! تم تكريم شعراء بصموا الفضاء الأدبي والفكري العالمي ببصمات واضحة ، ومنهم الشاعر السينغالي سنغور ، ومونتالي وزنزوطو الإيطالي ، كما قرأت لهم بعض من إنتاجاتهم ، وعرضت عنهم في الأمسية أفلام وثائقية تقدم بعض من ملامح حياتهم الأدبية والفكرية ، وقد تجاوب معها الجمهور ، أما باقي الشعراء الحاضرون الذين دعوا من القارات الخمس :أمريكا وإفريقيا وآسيا والوطن العربي ، فقد كانت دعوتهم وإستضافتهم في حد ذاتها تكريما لهم ومنهم الشاعرة الإيطالية المخضرمة سباستياني.
الجريدة: هل من متابعة لما نوقش وقرأ بالمهرجان ؟
د. صلاح :
لقد تبادر الى ذهني ترجمة خطاب الدكثور عبد العزيز سعود البابطين الى اللغة الايطالية وإدراج قصائد المشاركين في كتيب يطبع ليوزع عبر العالم لأن ذلك يحمل رسالة للسلام والمحبة . اعادني الشاعر البابطين الى مرافئ الشعر العربي وهو كالصوان يحافظ على نزعة وثابة, متجدد, في نظرته نباهة خارقة وتشحن نبرته صرامة ودقة , من أنامله تنهمر كلمات وسطور تنبعث منها نسمات عبيق ونفح الصحراء . وفي قوافيه مصداقية البادية وكرمٌ في إمتداد الشفق وأحلام تعانق السماء.
يجسد خطاب الإفتتاح معالم الشخصية العربية والإسلامية الحقيقية في تعاملها الأصيل مع الأخرين . هناك من شَوه وقزَم ونكَل برسالة الإسلام . وشخصيا , خصصت سنواتي الأخيرة لإدراك أسباب الهوة السحيقة بين الغرب والعرب فتوجهت للأندلس وللمغرب العربي , الى ذلك المسرح التاريخي والكبير حيث تبادلت الخبرات بين الإسلام والغرب واستخلصت , ماهرا كياني, نتائجاً تنفي وتعاكس الكثيرمن قناعاتي وتقلب المفاهيم التقليدية بل تضطرني إستهجان بألم شديد بعض أبيات نشرتها ومواقف اتخذتها موروثة من سدة الثقافة المبتذلة . وقد أصدرت " ضياء اندلسية" باللغتين وما زلت ادفع ثمنا باهظا لخياراتي وتمحيصي.
عوضاَ عن خطاب الإفتتاح للشاعر البابطين فقد أفصح لي الشاعر الشيخ عن بعض تطلعاته الفكرية المتعلقة بالأندلس والتي ينوي مشرعتها الأمر الذي يتوافق وينسجم مع خطواتي وملهاتي الحالية فباركت بافكاره الريادية والتي أرى فيها نهج خلاص وتقليص الهوة بين العرب والغرب .
الجريدة : من فيرونا طرت الى فينيتسيا حيت أن حاسة شمك قوية وبالأخص حينما نضع حلة الشعر فوق نار هادئة في أمسية مقمرة وبالأخص حينما تكون في البندقية الحالمة على بساط أخضر، صف لنا الأجواء التي كانت هناك :
د صلاح محاميد : نعم كانت هناك أمسية حالمة على حد تعبيرك ، وبالبندقية الجميلة ، وكانت من تنظيم ومشاركة كل من منتدى الخليل التونسي ومنتدى بني حرب السعودي وجمعية الزيتونة العربية الإيطالية ،
ومن حسن الصدف أن تاريخ هده الأمسية صادف تاريخ زواجي حيت احتفلت مرتان بالشعر وبالزواج ، وكلاهما مرتبطان وبالأخص بالشاعرة المغربية زينب سعيد .
مع كامل الأسف , سهواَ, لم أحمل معي القصيدة التي كنت أود إلقاءها ، ولكنني رغم ذلك إعتليت المنصة ، وأنا أحمل بين ذراعي وفي حضني إبنتي ضياء ، وتأسفت للجمهور لسهوي في نسيان القصيدة ، ومع هدا وجدوا قي ضياء اجمل قصيدة .
الجريدة |:
كيف كان الحضور بملتقى فينيتسيا الشعري
د.صلاح :
لقد حضر اكثر من ستين شاعر وشاعرة من مختلف بلاد العالم وأتحفوا الحاضرين بروائع شعرية ستبقى خالدة في الذاكرة ، كما كان هناك وجودا عربيا متميزا يتقدمه منتدى الخليل التونسي، وجمعية الزيتونة ومنتدى بني حرب السعودي .كان موضوع المهرجان هو الشعر والأزمة وفي ذلك تحدت المشاركون حول ضياع الأخلاقيات الإنسانية في معمعان الحركة الإقتصادية والتكنولوجية وكانت وقفة مع الذات والنفس للبحت عن تجديد هذه القيم ، وإيجاد قيم بديلة تعتمد عليها البشرية في مسيرتها الحياتية والعالمية ، في أوروبا وإيطاليا .
بالنسبة لقصيدتى التي وجدها القيمون على المهرجان أخيرا إنها "أعراس متمكنة" كتبتها في ظلال جبال الأطلس الصغير بالمغرب الحبيب وأدعو فيها البشرية إلى عرس متمكن تنصهر فيه القيم العربية والإسلامية الأصيلة مع القيم الغربية الحديثة .

أعراس متمكمة

هنا
يستقر الوقت
شفق يسترخي
لهناء قطة
يحتاط الأطلسي
بأهداب أمواجه
يلسعني شعاع
بطعم شمس واثقة
تتفرقع فقاعات
صباحات مباركة

في سماء غرناطة
قمر مطمئن
يهدل
لسحابات غاوية
لسواعد السائق
المستنفرة

ترفرف أجمحة
الظلام
وليل حلكي
ينتشي
في أحضان موشحة

عقود تستعيد
بؤس العناء
عصور مستعصية
تتربع صدوراً عارية
في ميادين
الأمازيغ

زفيٌر يتموج
على شطآن
مذهبة

وهنا
الآن يستجمع
الحلم قواه
بستنهض الروح
لعباءات الغناء
لأهازيج أعراس
متمكنة
في الرفاه والبني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق